كيف تتوقف عن العيش في الماضي وتبدأ في التفكير في الحاضر
[quote]
إن مشكلتك ليست سنواتك التي ضاعت .. و لكن سنواتك القادمة التي ستضيع حتماً إذا واجهت الدنيا بنفس العقلية – مصطفى محمود
[/quote]
العيش في الماضي مشكلة يعاني منها العديد من البشر، وهو الحنين إلى ما فات وانتهى، وندم على ما كان يجب أن يكون ولكنه لم يحدث، أو حدث ولكن ليس كما كان مخطط له أو كما كنا نتمنى.
مشكلة البعض تكمن في عدم قدرتهم على تجاوز أحداث معينة في حياتهم حدثت فعلا وحصدوا نتائجها سواء كانت هذه الإخيرة ايجابية أو سلبية.
قبل سنوات مضت كانت فكرة العيش في الماضي بالنسبة لي تتعلق أساسا بأحداث سلبية دائما، فلم يخطر على بالي أبدا أن يكون للأحداث السعيدة وفترات حياتنا الجميلة نفس التأثير، أي بامكانها أن تدفعنا هي الأخرى إلى الوضع نفسه…وهو العيش في الماضي.
لأكتشف لا حقا بأن مشكلة العيش في الماضي لا تخص فقط فئة الأشخاص الذين مروا بفترات صعبة في حياتهم في وقت مضى، ولكن تمس حتى أولئك الذين عاشوا أحداثا سعيدة أيضا في وقت سابق.
مهما تكن الفئة التي تنتمي إليها، فأنت بحاجة لمواصلة القراءة للتتعرف على الأسباب التي بسببها يجب عليك أن تتوقف عن العيش في الماضي بحلوه ومره، لتبدأ العيش في الوقت الحاضر والتفكير في ما سوف يأتي وتتطلع للمستقبل.
بين التفكير في الماضي والعيش فيه…
يحدث معنا جميعا أن نستحضر بعض الذكريات والفترات المهمة في حياتنا والتي يكون قد مر عليها وقت طويل، كاليوم الأول لنا في المدرسة، أو السنة الأولى لنا في الثانوية وعام التخرج منها…اليوم الذي حصلنا فيه على وظيفتنا الأولى…وقد تكون ذكرياتنا الجميلة مع أصدقاء فرقت بيننا وبينهم الأيام فلم نعد نعرف عنهم شيئا…الخ
ولكن في بعض المرات لا تكون الذكريات بتلك الصورة الجميلة والسعيدة، فمنها ذكريات فشلنا واخفاقاتنا، تلك الأيام التي كنا فيها مجرد أشخاص عاديون لم يحققوا شيئا في حياتهم، ذكريات خسارتنا لأشياء عزيزة علينا، أو فشلنا في الوصول إلى هدف معين بقيت حصرته تلاحقنا إلى اليوم..
إلى هنا كل شيء عادي، تكون مع أصدقائك فتتذكرون لحظات ومحطات من الماضي فتضحكون تارة وتتأسفون تارة أخرى وينتهي الأمر سريعا، وتنتقلون لأمور أكثر أهمية في الوقت الحاضر، فهذا أمر طبيعي جدا ويحدث مع الجميع بدون استثناء، ولكن السلبي في الأمر هو ما سوف يلي.
البقاء في الماضي لأيام واسابيع وربما لسنوات هنا يكمن الخطر ويصبح الأمر سلبي يجب الإنتباه له ويحتاج منا استعادة مركز القيادة بأسرع وقت.
أن ترى الماضي أفضل من الحاضر هنا تكمن الطامة الكبرى. قد تكون على حق، ولكن ليس عليك أن تسمح لهذه الفكرة بأن تحبطك وتدخلك في عالم من السلبية وحالة نفسية انهزامية في وقتك الحاضر.
فقد تكون بين يديك فرص أفضل وامكانيات جيدة لتجاوز كل الصعوبات التي مررت بها في الماضي، قد تكون قادرا على أن تصبح شخصا أفضل، قد تتاح لك الفرصة لتتقدم نحو الأفضل وتحقق أهدافك في الوقت الحاضر والمستقبل ولكن عيشك المستمر في الماضي، وتفكيرك الطويل فيما مضى وانتهى من مشكلات واخفاقات وغيرها قد يمنعك من الخروج من تلك الحياة السلبية إلى حياة أفضل
اطالة النظر إلى الماضي يمنعك من رؤية الحاضر بوضوح وبالتالي تمر الفرص من أمامك من دون أن تلاحظها، والأسوء من ذلك كله من دون أن تقتنصها.
لا يهم إن كان ماضيك أفضل من حاضرك أوالعكس، المهم أن تحافظ على تركيزك على الأمور المهمة في اللحظة الراهنة وفقط، ولا تبقي نظرك على الماضي طويلا.
وكما يمكن لماض عصيب أن يمنعك من المضي قدما في الحياة والسعي نحو ما هو أفضل مما فات، يمكن لماض جميل وسعيد مليئ بالنجاحات أن يقودك هو الآخر إلى اخفاقات في المستقبل، قد يبدو الأمر غريبا ولكنه يحدث صدقني.
فكم من شخص كان ناجحا في الماضي ولكنه خسر كل شيء لا لشيء سوى أنه أطال الجلوس في الماضي منتشيا بفرحة الفوز والنجاح، حتى توهم بأن الخسارة بعيدة عنه والفشل احتمال بعيد جدا.
كيف تتوقف عن العيش في الماضي
عليك أن تدرك بأن العيش في الماضي لن يفيدك في شيء، حصرتك على ما فات وانتهى لن يجعل أمور حياتك تصبح أفضل، بالإضافة إلى كون الأمر متعبا جدا عندما تحاول التقدم في الحياة وعلى ظهرك حملا ثقيلا صرت عاجزا عن التخلي عنه والتطلع لما هو خير منه.
اقرأ أيضا : كيف تدفع عجلة حياتك إلى الأمام ونحو الأفضل
أحداث الماضي للعبرة فقط وليس للبكاء على الأطلال والعيش في تجارب حصدنا نتائجها وانتهى أمرها. فشلت في مشروعك الأول ؟ حسنا، خذ الدروس من فشلك واعمل مجددا على هدفك بوعي أكبر.
لم توفق في امتحانك السنة الماضية ؟ هذا سيء جدا أعرف ذلك حق المعرفة، ولكن هل ذلك يعني بأن الأمر انتهى بالنسبة لك ؟ هل هذا يعني بأنك أصبحت شخصا فاشلا ؟ هل هذا يعني بأن فرصتك في النجاح أصبحت تساوي الصفر ؟ طبعا لا، والف لا. مازال بامكانك النجاح هذه السنة من دون أي شك إذا عملت على ذلك واجتهدت.
تعرضت في الماضي للسخرية من أصدقائك وزملائك في العمل أو في الصف لأنك لم تستطع عرض بحثك أو مشروعك بشكل جيد ما تسبب في احراجك؟ لا يهم ذلك أبدا، انسى الأمر، يمكنك أن تبدأ الآن في العمل على هذا الجانب وتطور قدراتك ومهاراتك لتصبح شخصا بارعا في الإلقاء وتقديم العروض…لا أقول هذا لتشجيعك، لا أبدا، أقول هذا لأنني أعلم بأن الامر ممكن بالعمل والتدريب.
تعرفت على شخص وتخلى عنك في النهاية ؟ حسنا، وماذا بعد ؟ هل انتهت الحياة ؟ هل جفت البحار والمحيطات ؟ هل توقفت الأرض عن الدوران ؟ ماذا حدث ؟ لا شيء، الحياة تمضي يا صديق ولا تقف لأحد كائنا من كان، فلا تضيع وقتك وتتعب أعصابك وترهق نفسك بالتفكير فيما كان يمكن أن يكون، في الذي كان يمكن أن يحدث بشكل مختلف، ما يهم أن الأمر حدث والنتائج موحودة، والمطلوب منك واضح وضوح الشمس، المرور لشيء آخر أكثر أهمية وكلك ثقة في ما هو أت بأنه أفضل وأحسن.
اقرأ أيضا : كيف تصبح شخصا ناجحا في علاقتك مع الآخرين ( الدليل الشامل لعلاقات اجتماعية ناجحة )
حققت نجاحا باهرا ؟ تخرجت بدرجات عالية من الجامعة ؟ حصلت على المركز الأول في مسابقة وطنية أو عالمية في اختصاص معين أو رياضة معينة ؟ ألف مبروك يمكنك الإحتفال الآن، ولكن بعدها يجب أن تعود للعمل وتواصل تقدمك، لا تمكث كثيرا في الإحتفال وإلا سوف يكون أول وآخر احتفال لك.
الماضي لإستخلاص الدروس وأخذ العبر، لا أكثر ولا أقل، الماضي ليس مكانا للعيش، الزمان الحقيقي للعيش هو الآن وليس الأمس أو الأسبوع الماضي، عش اليوم والآن وتطلع لغد أفضل وأحسن بإذن الله تعالى، تطلع للأفضل وانسى كل ما فات وصار من الماضي.
لم ينتهي الأمر بعد حتى أفوز
إذا كنت ترغب في تجاوز مراحل حياتك الصعبة واخفاقاتك السابقة فعليك بشحن همتك وطمحوك بما هو أفضل وأكثر أهمية مما فات.
عليك أن تدرك بأن فشلك في الماضي لا يعني بالضرورة فشلك في الحاضر أو المستقبل، إلا في حالة واحدة، إذا بقيت بنفس العقلية الأولى التي أدت بك إلى الإخفاق.
لأن الفشل الحقيقي هو الفشل الذي نعتاد عليه ونتأقلم معه، الفشل أسلوب حياة تماما كما النجاح أسلوب حياة، فما دمت ترفض العيش في الفشل والماضي العصيب فأنت لم تفشل حقا، الفشل الحقيقي يبدأ عندما تستسلم له لترضى بالعيش في دوامة من الحصرة والكسل والإحباط.
ما دمت لم تستسلم فالأمر لم ينتهي بعد، يمكنك تحويل فشلك إلى نجاح، وأي شيء سلبي آخر في حياتك إلى شيء ايجابي، فقط تخلص من الأفكار السلبية التي تجعلك متمسكا بأحداث الماضي المؤلمة وحاول أن تعمل شيئا أفضل.
هناك دائما فرصة جديدة
هناك دائما فرصة جديدة لأولئك الذين يريدون العمل ويسعون نحو التغيير إلى الأفضل، أما بالنسبة لعشاق العيش في الماضي والبكاء والحصرة على ما حدث لهم في الماضي فإن المشاكل لا نهاية لها.
التذمر من الظروف الصعبة التي عشتها في الماضي لن يجعل حاضرك يتحسن، تبرير فشلك القائم الآن بظروفك في الماضي لن يجعل منك شخصا ناجحا…
الهروب من واقعك الصعب إلى ماضي جميل ليس الحل الأفضل لمشاكلك، العودة إلى الماضي البهيج في كل مرة تواجه فيها صعوبات في الوقت الحاضر لن يجعلك تتقدم في حياتك أبدا…
الطريقة الوحيدة للتقدم في الحياة هو التعلم من تجارب الماضي واستثمار الخبرة المكتسبة منها في بناء مستقبل أفضل، الوسيلة الوحيدة لبناء مستقبل أفضل هو عدم البقاء في الماضي بعد الإستفادة من خيباته وانتصاراته.
لا يهم أين كنت البارحة أو الأسبوع الماضي أو حتى السنة الماضية، كل ما يهم هو أين ستكون غدا والأسبوع القادم والسنة القادمة. هذا الذي يجب أن يشغل تفكيرك : هل يمكنني غدا أن أكون شخصا أفضل مما أنا عليه اليوم.
في الأخير
تعلم من أخطائك في الماضي وحاول بناء مستقبل أفضل، لا تتوقف كثيرا عند كل فشل يواجهك أو مشكلة تصادفك، تعلم من الصعوبات، تعلم من الحياة وتعلم من تجاربك وكذلك تجارب أشخاص آخرين سبقوك، لأن النجاج يأتي بالتعلم من الأخطاء والتطلع للأفضل بعقل واع وروح قوية مستعدة للصبر والعمل لما هو خير مما فات وانتهى.
لا تتردد في كتابة تعليق وكذلك مشاركة المقال، ولا تنسى متابعة صفحتنا على الفيس بوك من هنا.
نلتقي قريبا إن شاء الله…
شكرًا لك ،تدوينة رائعة!
أنا أحد المتابعين لمدونتك و قرأت جميع التدوينات عدة مرات،و استفدت من الموضوعات الذي تكتب عنها كثيرًا،معى إني قرأت العشرات من الكتب التنمية البشرية و مئات المقالات في مجال التنمية البشرية، لاكن لم استفد منها كما استفدت من مدونتك معى تشابه الموضوعات الذي تكتب عنها و السبب هو أسلوبك في طرح المواضيع الجيد.
لدية اقتراح،لماذا لا تكتب كتاب لأنك قادر على كتابة كتاب ناجح .
مرحبا هادي
سعيد جدا لأنك وجدت ما يفيدك في الموقع، ويسعدني جدا أيضا أن تكون من قراء المدونة الأوفياء، أتمنى لك قراءة ممتعة وتقدم افضل في حياتك، فهذا هو هدفنا الأول والأخير.
إن شاء الله أخي، لقد طلب منا ذلك كثيرا من طرف العديد من القراء، وإن شاء الله راح نعمل على توفير كل ما يمكنه افادتكم، دمت متابعا وفيا هادي.
بالتوفيق وشكرا لك على التعليق الجميل
كما قال مكسيم غورغي قافلة الماضي لن تصل بك الى اي مكان
انا من الاشخاص كنت و لازلت اعاني من الماضي الحزين و السيئ ان شاء الله استفيد من تدوينتك شكرا لك
صحيح أخي
إن شاء الله تتمكن من تحاوز ماضيك السيء وتتقدم إلى الأفضل، أتمنى لك التوفيق.
شكرا لتعليقك أخي
شكرا لك أستاذنا الفاضل ..أتمنى أن أتمكن من تطبيق ما قراته في مدونتك لانني لازلت اعاني من هذا المشكل
شكراا جزيلاا
إن شاء الله مروة سوف تتمكنين من ذلك
كلام مضبوط
شكرا عادل
كلام جميل…ايش وضع الانسان اللي بعد اسبوعين بيطرد من كلية ؟ كان حلمه الشاغل انه يتفوق فيها !
اقدر اقول عنها النهاية.
حسب الموقف والوضع، ماهي الأسباب وهل فيه حلول. هناك العديد من المعطيات التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار.